أسرع إقالة في التاريخ – إقالة في 600 ثانية

الرياضة للأبد – في سجلات كرة القدم، تُروى العديد من القصص عن الصعود والهبوط، النجاح والإخفاق. لكن قصة ليروي ريسينيور تتفرد بحدث لا يصدق جعله جزءًا من فولكلور اللعبة العالمية: “الإقالة الأسرع في التاريخ”. ومع ذلك، فإن مسيرة ريسينيور تتجاوز بكثير مجرد تلك الثواني الستينون التي قضاها في منصب مدرب توركي يونايتد. إنها قصة لاعب موهوب، ومدرب طموح، ورائد في مجال مكافحة التمييز، تجسد جوانب متعددة من عالم كرة القدم وخارجه.

بدايات مسيرة كروية واعدة: المهاجم الذي صال وجال في الملاعب الإنجليزية

وُلد ليروي دي غرافت ريسينيور في لندن بإنجلترا في 24 أغسطس 1964. بدأ مسيرته الكروية كلاعب مهاجم، وهو المركز الذي اشتهر به طوال سنواته في الملاعب. انضم إلى صفوف نادي فولهام في عام 1982، حيث بدأت موهبته في التوهج. سرعته وقدرته على تسجيل الأهداف جعلت منه لاعبًا مطلوبًا، ليتنقل بين عدة أندية إنجليزية عريقة.

لعب ريسينيور مع كوينز بارك رينجرز، ثم عاد إلى فولهام لفترة ثانية، قبل أن ينتقل إلى وست هام يونايتد. كما قضى فترات إعارة مع تشارلتون أثليتيك قبل أن يستقر لفترة في بريستول سيتي، حيث ترك بصمة قوية. في أواخر مسيرته الكروية، لعب لأندية أقل شهرة مثل فليت تاون وغلوستر سيتي. خلال مسيرته كلاعب، خاض ريسينيور أكثر من 270 مباراة في الدوري وسجل ما يقرب من 75 هدفًا، مما يؤكد على كونه مهاجمًا فعالًا في عصره. كما مثل منتخب إنجلترا تحت 16 وتحت 21 عامًا، وحتى منتخب سيراليون على المستوى الدولي.

الانتقال إلى عالم التدريب: نجاحات وإخفاقات قبل اللحظة التاريخية

بعد اعتزاله اللعب في عام 1998، لم يبتعد ليروي ريسينيور عن عالم كرة القدم. اتجه إلى مجال التدريب، وبدأ مسيرته الإدارية مع أندية الدرجات الدنيا. كانت تجربته الأولى كمدرب مع غلوستر سيتي بين عامي 1996 و 1998، أي حتى قبل اعتزاله الرسمي كلاعب. ثم تولى تدريب فريق ميرثير تايدفيل بين عامي 2001 و 2002.

اللحظة الأبرز في مسيرته التدريبية قبل عام 2007 كانت مع نادي توركي يونايتد نفسه. في عام 2002، تولى ريسينيور قيادة الفريق، وقاده إلى فترة من النجاح النسبي. ففي عام 2004، حقق إنجازًا مهمًا بتأهل توركي يونايتد إلى الدرجة الثالثة، وهو ما كان يعتبر نجاحًا كبيرًا لنادٍ بحجم توركي. هذه الفترة أظهرت قدرته على بناء فريق وتحقيق الأهداف. لكن مسيرته مع الفريق لم تخلُ من التحديات، ففي الموسم التالي، عام 2005، هبط الفريق مرة أخرى، ليغادر ريسينيور النادي باتفاق متبادل.

بعد ذلك، خاض تجربة تدريبية قصيرة مع برينتفورد في عام 2006، ثم تولى تدريب منتخب سيراليون لفترة وجيزة في عام 2007. كل هذه الخبرات كانت تشكل مسيرة تدريبية طبيعية لمدرب في الدوريات الإنجليزية، مليئة بالصعود والهبوط، كما هي عادة هذه المهنة.

“إقالة الـ 600 ثانية”: لحظة تاريخية خارجة عن السيطرة

في عام 2007، عاد ليروي ريسينيور إلى توركي يونايتد مرة أخرى، هذه المرة لتولي قيادة الفريق في الدرجة الرابعة. كان هذا بمثابة “العودة إلى الديار” بالنسبة له، وربما كان يتطلع إلى بناء مشروع جديد مع النادي الذي يعرفه جيدًا. لكن القدر كان يخبئ له لحظة غير مسبوقة في تاريخ كرة القدم.

في الوقت الذي تم فيه تعيينه رسميًا، كان رئيس النادي، مايك باتيسون، قد أوشك على إتمام صفقة لبيع 51% من أسهم النادي إلى ملاك جدد. وبمجرد توقيع عقود البيع وإتمام عملية انتقال الملكية، جاء القرار الأول والحاسم من الملاك الجدد: إقالة المدرب الحالي. الغريب في الأمر أن هذا القرار جاء في غضون 10 دقائق فقط من الإعلان الرسمي عن تعيين ريسينيور. لم يُمنح أي فرصة، لم يتخذ أي قرار، لم يخض أي تدريب، ولا حتى قابل لاعبيه بصفته المدرب الجديد. كانت إقالة فورية، لا علاقة لها بالأداء الفني، بل بتغيير جذري في رؤية الملكية الجديدة. هذه الـ 600 ثانية التي قضاها ريسينيور في منصبه، جعلته يسجل رقمًا قياسيًا عالميًا كأسرع مدرب يُقال من منصبه في تاريخ كرة القدم، محطمًا الرقم السابق لديف باسيت.

ما بعد “الإقالة الأسرع”: العمل في الإعلام ومكافحة العنصرية

لم تكن “إقالة الثواني” نهاية مسيرة ليروي ريسينيور في عالم كرة القدم، بل أصبحت نقطة تعريفية غريبة في تاريخه. بعد هذه الحادثة، لم يتول ريسينيور مناصب تدريبية رفيعة المستوى بنفس القدر. لكنه لم يبتعد عن اللعبة، فقد انتقل إلى العمل في مجال الإعلام الرياضي، حيث أصبح معلقًا ومحللاً شهيرًا. تميز بآرائه الصريحة والمحللة، وأصبح صوتًا مألوفًا في البرامج الرياضية البريطانية.

الأهم من ذلك، أن ليروي ريسينيور أصبح واحدًا من أبرز الناشطين في مجال مكافحة العنصرية والتمييز في كرة القدم البريطانية والمجتمع ككل. لطالما كان مدافعًا قويًا عن التنوع والشمول، وعمل كسفير لحملة “أظهر للعنصرية البطاقة الحمراء” (Show Racism The Red Card). تقديراً لجهوده المتواصلة في مكافحة التمييز، تم منحه وسام الإمبراطورية البريطانية (MBE) في تكريمات رأس السنة الجديدة لعام 2019.

إن قصة ليروي ريسينيور هي أكثر من مجرد إقالة قياسية. إنها شهادة على التقلبات غير المتوقعة في عالم كرة القدم، حيث يمكن للمصادفة أن تصنع التاريخ. لكنها أيضًا قصة عن العزيمة والتحول، كيف يمكن لشخص أن يستخدم تجربته الفريدة، حتى لو كانت غريبة الأطوار، لترك بصمة إيجابية أكبر بكثير في المجتمع، من خلال عمله كمحلل ومحارب قوي من أجل العدالة والمساواة في الرياضة وخارجها….المزيد
.

ليروي ريسينيور, إقالة تاريخية, توركي يونايتد, أسرع إقالة, كرة القدم, Football, الرياضة للأبد, Football Forever, تغيير الملكية, مايك باتيسون, 10 دقائق, 600 ثانية, الدوري الإنجليزي, مسيرة كروية, مدرب كرة قدم, كفاح العنصرية, MBE, إرث ريسينيور, غرائب الكرة, LeeRosenior, Leroy Reseneur.

اذا اردت الانضمام لكتاب هذا الموقع إرسل لنا رسالة تشمل معلوماتك الشخصية عبر البريد الالكتروني editor@sport4ever.org

للتواصل

Scroll to Top