الجزائر – الرياضة للأبد – هزّت فاجعة أليمة الأوساط الرياضية والشعبية في الجزائر، إثر انهيار جزء من مدرجات ملعب 5 جويلية الأولمبي. أسفر الحادث عن وفاة ثلاثة مشجعين وإصابة 81 آخرين، غالبيتهم غادروا المستشفيات بعد تلقي الإسعافات الضرورية، في حادث مأساوي وقع خلال احتفالات فريق مولودية الجزائر بتتويجه بلقب الدوري. هذه الكارثة أثارت موجة عارمة من الصدمة والحزن، وتساؤلات ملحة حول معايير السلامة وصيانة المنشآت الرياضية في البلاد.
تفاصيل الحادث المأساوي ومسار الضحايا
تعددت المصادر الإعلامية التي نقلت نبأ الحادث، مؤكدة على وقوع الكارثة وعدد ضحاياها. أفادت قناة سكاي نيوز عربية بأن الوفيات الثلاث جاءت نتيجة “حادث سقوط من مدرجات” الملعب. وفي السياق ذاته، أكدت الجزيرة نت أن الضحايا الثلاث لقوا مصرعهم “بسقوط سياج حديدي” في الملعب، مشيرة إلى طبيعة الانهيار الذي أدى إلى هذه الفاجعة. من جانبها، شددت صحيفة البيان على أن الحادث أسفر عن “وفاة 3 مشجعين بالجزائر في حادث سقوط من مدرجات «5 جويلية»”، بينما أعلنت منصة برلمان.كوم “ارتفاع ضحايا حادث انهيار مدرج ملعب 5 جويلية إلى 3 وفيات”.
وفقًا لبيانات وزارة الصحة الجزائرية، التي نقلتها وكالة مدار نيوز والجزيرة نت، فقد استقبل مستشفى بني مسوس الجامعي 38 مصابًا وثلاث حالات وفاة، فيما استقبل مستشفى بن عكنون 27 مصابًا، ومستشفى باب الواد 16 جريحًا. وقد أكدت الوزارة أن أغلب المصابين تلقوا العلاج وغادروا المستشفيات، في حين تواصل الفرق الطبية تقديم الرعاية اللازمة للحالات المتبقية.
وقع الحادث في مدرج مخصص للمشجعين داخل ملعب “5 جويلية 1962” الذي يُعد رمزًا رياضيًا في الجزائر وأحد أكبر الملاعب في شمال أفريقيا. هذا الملعب، الذي عادة ما يستضيف مباريات كرة القدم الكبرى والفعاليات الوطنية والدولية الهامة، شهد اليوم حادثة تُلقي بظلالها على سمعة البنية التحتية الرياضية في البلاد. المأساة وقعت نتيجة تدافع كبير بين الجماهير التي كانت تحتشد بكثافة في المدرجات العليا (خاصة المدرجات العلوية رقم 7 و8)، مما أدى إلى انهيار جزء من السياج الحديدي الفاصل وسقوط عدد من المشجعين من ارتفاع كبير نحو أرضية الملعب، وذلك بحسب شهود عيان ومصادر إعلامية مثل صحيفة “الخبر”. وقد عكرت هذه المأساة صفو احتفالات مولودية الجزائر باللقب، وقرر الاتحاد الجزائري لكرة القدم إلغاء حفل تسليم كأس الدوري الذي كان مقررًا.
استجابة رسمية وتحديات الصيانة
تفاعلاً مع الفاجعة، أصدر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون تكليفًا رئاسيًا بتشكيل لجنة تحقيق عاجلة للوقوف على ملابسات الحادث وتحديد المسؤوليات. هذه اللجنة تضم ممثلين من وزارات الداخلية، العدل، الإسكان، والرياضة، بالإضافة إلى مسؤولين من نادي مولودية الجزائر. من المتوقع أن تقدم تقريرها في أقرب وقت لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث. الرئيس تبون قدم تعازيه لأهالي الضحايا وتمنى الشفاء العاجل للمصابين عبر حسابه على منصة “إكس”.
ملعب 5 جويلية 1962، الذي بُني عام 1972، ليس غريبًا على حوادث مشابهة. فقد شهد الملعب في 21 سبتمبر 2013 انهيارًا جزئيًا لأحد المدرجات أودى بحياة شابين، مما أدى إلى إغلاقه لمدة عامين لإعادة التهيئة وتدعيم الهياكل. ورغم الترميمات المتتالية التي خضع لها الملعب، والتي كان آخرها في عام 2020 حيث اكتسى “حلة جديدة تجعله يستجيب للمعايير العالمية” بحسب يومية “الشعب”، إلا أن حادثة اليوم تُثير تساؤلات جدية حول فعالية هذه الترميمات ومدى التزامها بالمعايير الدولية لسلامة الجماهير.
صور متداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأشار إليها تقرير لصحيفة “الخبر”، كشفت عن الحالة المتردية للسياج الفاصل الذي انهار، حيث بدا الصدأ والتآكل واضحين عليه. هذا السياج، الذي لم يتم مراقبته أو تجديده بشكل فعال منذ تدشين الملعب، والاكتفاء بطلائه فقط، يُشير إلى غياب سياسة صيانة حقيقية وفعالة. كما أن هناك إشارات إلى أن الترتيبات الخاصة بتواجد أعوان الملاعب على حواف المدرجات (التي تم اعتمادها في بطولتي “الشأن” و”الكان” بتعليمات من الكاف) قد تم تجاهلها، مما سمح لجماعات “الألتراس” بفرض منطقها وانسحاب هؤلاء الأعوان وعناصر الشرطة من المناطق الحساسة.
تداعيات الحادث ومطالبات بالمساءلة
تُشكل هذه الفاجعة جرس إنذار قويًا للسلطات الجزائرية بضرورة إجراء مراجعة شاملة وفورية لإجراءات ومعايير السلامة في جميع الملاعب والمنشآت الرياضية في البلاد. يجب أن تتجاوز هذه المراجعة مجرد الفحص السطحي لتشمل تقييمات هندسية عميقة، وتطبيق صارم للمعايير الدولية، بالإضافة إلى وضع خطط صيانة شاملة ومستدامة.
الخبراء والمعنيون يؤكدون على أن معايير الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) ومعايير الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف) تضع شروطًا صارمة للملاعب الدولية، تشمل السعة، والأمن، والإضاءة، وجودة أرضية الملعب، وسلامة المقاعد، وغيرها من الجوانب لضمان سلامة اللاعبين والحكام والجماهير. تقوم الفيفا والكاف بزيارات تفتيش وتقييم للملاعب المرشحة لإصدار شهادات الاعتماد. يبدو أن هذه المعايير لم تُطبق بالشكل الأمثل في حالة ملعب 5 جويلية.
تعالت الأصوات الشعبية والرسمية على حد سواء في الجزائر للمطالبة بفتح تحقيق شامل ومستقل، وتحديد المسؤوليات، ومحاسبة جميع المتورطين في هذه الفاجعة، سواء كانوا إداريين، مهندسين، أو جهات مسؤولة عن الصيانة والمراقبة. هناك شعور عام بأن الحادث لم يكن مجرد قضاء وقدر، بل نتيجة إهمال وتقصير. دعوات لإصلاح الملاعب وتوفير الحماية للجماهير داخلها، ووقف ظاهرة “الملاعب المهترئة التي تفتقد للمعايير الدولية”، هي أبرز المطالب الآنية.
هذا الحادث يعكس تحديًا كبيرًا للبنية التحتية الرياضية في الجزائر، خاصة في ظل طموحات البلاد لاستضافة فعاليات رياضية كبرى في المستقبل. إن ما حدث في ملعب 5 جويلية يقوّض أي رواية إعلامية سابقة حول “الجهوزية الكاملة” للمنشآت الرياضية، ويعيد النقاش إلى ضرورة بناء وتأهيل الملاعب بمعايير شفافة، ورقابة صارمة، ومحاسبة فعلية.
رسالة تعازي ودعوة للعمل
تتجدد مشاعر الحزن والأسى على أرواح المشجعين الثلاثة الذين غادروا دنيانا في ليلة كان من المفترض أن تكون ليلة احتفال وفرح. هذه المأساة تُلزم الجميع بالوقوف وقفة جادة أمام سلامة الأرواح، وضرورة العمل بجدية لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث الأليمة. خالص العزاء لأسر الضحايا، ونسأل الله الشفاء العاجل لكل المصابين….المزيد
.
فاجعة ملعب 5 جويلية, ضحايا انهيار المدرج, وفيات المشجعين الجزائر, سلامة ملعب 5 جويلية, تحقيق حادث الملعب, صيانة المدرجات المتهالكة, كارثة احتفال مولودية الجزائر, تدافع ملعب 5 جويلية, سقوط سياج ملعب, الجزائر حوادث الملاعب, أمن الملاعب الأولمبية, رد فعل الرئيس تبون, معايير فيفا للملاعب الجزائرية, غياب صيانة ملعب 5 جويلية, ضعف البنية التحتية الرياضية, محاسبة المتسببين بالحادث, إصابات جمهور الملعب, إلغاء تتويج الدوري الجزائري, تجاوز سعة المدرجات, أزمة الملاعب الجزائرية.